الشروق ميديا - نواكشوط: بعد كثير من اللغط القانوني والدستوري سمحت محكمة الاستئناف للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بالخروج مؤقتا من معتقله وإيداع ملف ترشحه لرئايسات 2024 وسط حضور جماهيري و إعلامي واسع في ساحة الحرية.
وقد كانت هذه الخطوة مفاجئة للرأي العام الوطني الذي لم يتوقع أن يقبل ترشح رجل يفترض أنه أكبر المناوئين للسلطة القائمة وباستطاعتها أن تؤول المادة المرنة رقم 28 من الدستور الموريتاني لصالحها حتى تمنعه من الترشح إن كان ملفه قد اكتمل فعلا.
ما يهم أن الرجل تقدم في الساعة الأخيرة من مساء الأربعاء 15 مايو 2024 للمجلس الدستوري مع بعض رجاله وملأ استمارة الترشح وسط تحليلات سياسية كبيرة أبرزها تلك المدافعة عن نظرية المؤامرة التي تفترض أن الرجلين (عزيز وغزواني) دخلا في لعبة سياسية انتهت بانتهاء مأمورية غزواني وسيعود عزيز على طريقة (مدفدف-بوتن).
ولكن لا تبدو هذه النظرية قريبة من الواقع وذلك أن الرئيسين لم يكونا بحاجة لهذه المسرحية الباهظة الثمن وكان باستطاعة عزيز أن يدخل المعترك السياسي كمعارض ويرخص له حزب سياسي ويسمح له الآن بالترشح بدل ترشحه سجينا ما يزال يدفع الثمن غاليا في ملف معقد عرف ب"ملف العشرية."
هل اكتمل ملف عزيز؟
الأسئلة الأهم في هذا الترشح المثير للجدل : هل الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز أكمل ملف ترشحه للرئاسة؟ وكيف سُمح لمستشاري (الإنصاف) أن يمنحوه التركيات ويمنعوها لمرشحين آخرين أقل حدة مثل نور الدين ولد محمدو وأحمد ولد هارون؟ وإن كان حصل عليها فكيف تجاوز الحكام والولاة ووزارة الداخلية التي كانت وما زالت تمنعه من ترخيص حزب سياسي؟.
إن كان ولد عبد العزيز قد تجاوز كل هذه المراحل دون عرقلة فإن المجلس الدستوري كذلك سيجيز ترشحه وسيدخل المنافسة ليكون ولد عبد العزيز ثامن السبعة المرشحين.
مناورة سياسية
إن لم يكتمل ملف عزيز فإنه يريد بهذه اللعبة مناورة سياسية الهدف منها عودته للساحة ليلة في العمر على الأقل بعد أن نسيه الشارع الموريتاني فأراد أن يعود ويسمع الزغاريد والتصفيق ويتنفس هواء ساحة الحرية ساعة واحدة على الأقل وبعد ذلك تكون قضيته قضية رأي عام، فإن رفضه المجلس الدستوري سيقول دفاعه وأنصاره إنه محروم من حقوقه القانونية والدستورية وسيتهمون المجلس بأن أوامر عليا تملى على رئيس المجلس بعدم قبول ملفه.
أما رسالة السلطات للرأي العام الوطني وربما الدولي من هذه اللعبة السياسية فهي إشهاد الإعلام الحاضر بكثرة أن عزيز يتمتع بكل حقوقه الدستورية ومن حقه مبدئيا أن يترشح لكن وحده المجلس الدستوري المخول للبت في ملفه أو رفضه.
مؤامرة انتخابية
لو افترضنا أن المجلس الدستوري أجاز ملف عزيز فإن هذه الخطوة ستكون بمثابة اغتيال سياسي ليس ولد عبد العزيز أول ضحاياها فكان المصطفى ولد محمد السالك سنة 1992 وكان بعد ذلك محمد خونا ولد هيداله سنة 2003 وكانت أشهر عملية اغتيال سياسي. تلك التي أبعدت اعلي ولد محمد فال من المشهد السياسي سنة 2009 وعهده يومئذ بالرئاسة قريب جدا أقل من عامين.
فهل تنوي السلطات أن تغتال الرجل سياسيا لأنه لو دخل هذا المعترك لن يحصل قطعا على نسبة تعيد له الاعتبار وتحفظ له شيئا من هيبته ولا يتوقع أن يزيد على 5% في انتخابات 2024.
مهما يكن فإن لعبة الترشح لا تخلو من احتمالين إما مناورة سياسية تسجل للطرفين نقاطا في ملف يريد عزيز عودته للواجهة وتريد السلطات تسجيل نقاط لصالحها أو مؤامرة انتخابية الهدف منها تصفية عزيز سياسيا ليلتحق بأسلافه من الرؤساء السابقين.
المختار بابتاح