تستعد الأطراف السياسية لجولة جديدة من الحوار الوطني هي الثالثة خلال السنوات الأخيرة، وتعول هذه الأطراف على أن تكون الجولة الحالية أشمل وأعمق من سابقتيها (2011-2014) نظرا لحصول شبه إجماع على المشاركة فيها، وشمولية النقاط المدرجة على الطاولة هذه المرة.
وعلى الرغم من أن طرفا فاعلا في المشهد هو حزب التكتل ما يزال عصيا على الانقياد حتى كتابة هذه السطور إلا أن التوجه العام لمختلف الفرقاء ينحو إلى طاولة الحوار، لعدة أسباب منها ما يبديه النظام علنا من رغبة جادة في الاستماع لمطالب غرمائه المعارضين، وفشل الرهانات السابقة على إسقاط هذا النظام عبر النزول إلى الشارع وإعلان النفير الجماهيري لمدة عامين متتاليين.
والواقع أن هذا "الإجماع" غير المسبوق على القبول بمبدإ الحوار لم ينجح في ردم هوة الخلاف العميقة، ولم يقض على مخاوف جدية من الفشل، حتى قبل جلوس الأطراف إلى الطاولة لعدة أسباب لخصها أحدهم لـ"البديل" في ما يلي:
- استحالة تحقيق إجماع شامل حول القضايا محل النقاش، خاصة حين يتعلق الأمر ببنود الانتخابات، وتغيير الدستور، وممهدات الحوار.
- انقسام المعارضة إلى أحزاب، ومنظمات مجتمع مدني، وشخصيات مستقلة مما يصعب مهمة التوفيق بين كل هذه الفرق و"المذاهب" على الرغم من أن تواجدها تحت سقف واحد يمثل عامل ثراء وقوة إن أحسن استغلاله.
- وجود جناح فاعل في الأغلبية الحاكمة يسعى لإفشال الحوار بما لديه من وسائل، ربما لأنه يعتقد أن أي تقارب مع المعارضة سيكون على حساب حضوره في المشهد وحظوته لدى النظام.
- استحضار التجارب السابقة لدى طرفي المعادلة مما يولد حالة من الشك والريبة لدى كل منهما اتجاه الآخر.
- غياب طرف ثالث يمثل ضامنا ووسيلة ضغط على الطرفين معا للتوصل إلى اتفاق.
وبغض النظر عن النتيجة فإن بعض المتفائلين يرى أن مجرد انعقاد الجلسات يعتبر مكسبا في حد ذاته.