كيف اوفر من راتبي الشهري؟
- سؤال يؤرق كثيين ممن لا يعرفون إلى أين يؤول دخلهم و كيف تتبخر رواتبهم بعد أسبوعين.
إن المعضلة الحقيقية ليست في جهلهم بطرق الادخار وأساليب التوفير بل تكمن في الفوضى المالية التي يعيشونها وطغيان ثقافة الاستهلاك على حساب ثقافة الترشيد والادخار.
الراتب هو المورد المالي الرئيسي لأغلب الناس، لذلك فإن السعي لتحقيق أقصى الفوائد منه أمر ضروري، بل من الحكمة بذل الجهد وكل ما من شأنه التوفير والادخار من الراتب.
قبل البدء فعليا بمحاولات الادخار من الراتب، مهم جدًّا أن تعمل على الجانب النظري والتوجه الذهني أولا من خلال زيادة وعيك المالي واستيعاب المفاهيم الأساسية حول الادخار، وفهم العوامل المؤثرة على إدارة المصروفات، وموارد الدخل الشخصي، وإعداد الميزانية الشخصية.. الخطوات الأربع الأولى هي خطوات ستعمل من خلالها على بناء الوعي الادخاري لديك :
1.الوعي بأوجه الإنفاق
احتياجات الإنسان تتنوع بين ضرورية وكمالية، وتتدرج هذه الاحتياجات في هذه الحياة في هرم يبدأ بالحاجات الأساسية اللازمة لبقاءه، ثم تتدرج في سلم يعكس مدى أهمية الحاجات. فقاعدة هذا الهرم تتمثل فى حاجات الهواء والماء والغذاء والكساء والمأوى، تليه درجة إشباع رغبات الزواج وتكوين أسرة والعيش فى مجتمع، ثم درجتى تقدير الذات والوضع الاجتماعي.
الضروريات: وتضم كل النفقات الضرورية التي لا تستقيم الحياة بدونها، كالمأكل والمشرب والملبس.
التحسينات : وتشمل الأمور التي تجعل الحياة أكثر ميسرة، وتخفف من المشاق، ولا يجب الإنفاق على التحسينات إلا بعد استيفاء الضروريات.
الكماليات: وتتمثل في بنود النفقات التي تجعل حياة الإنسان أكثر رفاهية ورغدة، ولا تختل الحياة بفقدها.
النتيجة: إن أصبحت واعيا بأوجه الانفاق، حتما ستُصبِح قادرا على التمييز بين ما تحتاجه فعلا وبين ما تريده! فما تحتاجه أهم، وما ترغب فيه يكون أقل أهمية وربما تستغني عنه تماما إن دعت الضرورة.
2.بناء ثقافة الترشيد
الحقيقة أن الإنسان اليوم يشهد تقدما في جوانب كثيرة من الحياة، والحياة تتطور بشكل متسارع، وتنافس الشركات العالمية والمحلية في التسويق لمنتجاتها وجذب الناس إليها، وجعلهم أكثر ولعًا بالاستهلاك.
تخلّص من العبارات التي تمجد الإسراف (اصرف ما في الجيب يأتيك ما بالغيب، الحياة قصيرة لتوفير النقود..) هذه العبارات تؤثر على أفكارك وسلوكك وتدفعك بشكل مباشر إلى الإسراف وتبذير أموالك دون حسبان، لذا لا بد لك من أن تتوقف عن تصديقها واستبدلها بعبارات أخرى تُمجّد الادّخار مثل: على قد بساطك مد رجليك – وفِّر قرشك الأبيض ليومك الأسود.. سيُحفّزك هذا على الادخار.
النتيجة : تغيير قناعاتك والابتعاد عن الإسراف والتبذير والتحول باتجاه الترشيد والادخار واتباع سياسات واعية قادرة على تحقيق التوازن بين الإنفاق والدخل.
3.بناء ثقافة الادخار
غياب ثقافة الادخار يحول الاشخاص إلى الاستهلاك السلبي، فيصرفون من دون تخطيط أو تقدير، من ثم تكون النتيجة الوقوع في براثن الديون، أو الاشتراك في «جمعية»، أو الاقتراض من أحد الأصدقاء أو الأقارب لتدبير مصروف الشهر حتى نهايته.
إن ثقافة الادخار تأتي بعد ترسيخ ثقافة الترشيد والوعي بأوجه الإنفاق (الضروريات – التحسينات – الكماليات). وتبدأ ثقافة الادخار بإحساس الشخص بمسؤولية المستقبل، مثل مسؤوليته تجاه مصروفات والتزامات الحاضر. الإدخار ليس تكديس عبثي للنقود، بل برنامج يهدف إلى اقتطاع جزء من دخلك الشهري من أجل نفسك ومستقبلك ورخائك وجودة حياتك وحياة أسرتك.
النتيجة: تزيد ثقافة الادخار من القدرة على وضع سياسة إنفاقية متوازنة، تلبي الاحتياجات، وتمنح هامشاً إدخارياً من الراتب الشهري.
4.تغيير الأنماط الاستهلاكية
لابد ان يصاحب تحسين وعيك المالي تغيير أنماطك الاستهلاكية. إن نزعة الإستهلاك المفتوح ومباهاة الآخرين ومجاراة الواقع عادة مضرة، ويجب عليك إيقافها فورا.
الكماليات هي الأمور التي لا تعتبر أساسية في الحياة حيث تتسبّب في إنفاق الكثير من الأموال، لذلك يجب التقليل منها ما أمكن والتركيز في الأساسيات وعدم البحث عن المتعة و الترف اللحظي. كل انسان له قدرات، ومن يعيش بقناعة ووفق قدراته لن يندم أبدا.
النتيجة: إذا أصبح لديك وعي شرائي واستطعت تبني نمط استهلاكي واعي، تأكَّد أنك ستنجح في ادخار أموال لم تكن لتصدق انك قادر على توفيرها.
5. توزيع الراتب على عناصر الإنفاق والادخار
حتى تتمكَّن من توزيع الراتب الشهري بطريقة سليمة أنت بحاجة إلى إنشاء ميزانية شهرية تشمل الدخل الشهري من ناحية والنفقات والادخار من ناحية أخرى. وتشمل عناصر الإنفاق والادخار على التالي:
سداد الأقساط : في أول خطوة لتقسيم الراتب يجب أن تقوم باستقطاع المبلغ الخاص بسداد الديون والأقساط الشهرية حتى لا تنسى أو تتأخر في سداد هذه الأقساط مما يعرقل خطتك المالية.
تحديد المبالغ المرغوب ادخارها : يجب تحديد المبلغ المطلوب ادخاره قبل المصروفات، حتى تتمكن من وضع خطوط عريضة لنفقاتك خلال الشهر. و قد تكون لديك أكثر من خطة للادخار في آن واحد وبنسب مختلفة مثل الادخار لحالات الطوارئ أو لشراء أصل (سيارة، منزل) أو للتقاعد وغيرها.
ترتيب المصروفات من حيث الأولوية : ذلك من خلال عمل قوائم للمصروفات تحت مسميات مختلفة مثل:
قائمة خاصة بالمصروفات الثابتة مثل الإيجار وفواتير الخدمات المنزلية والاشتراكات الشهرية
قائمة خاصة بالمصروفات الأساسية المتغيرة مثل الطعام والمواصلات ومصروفات الأطفال
قائمة خاصة بالمصروفات الطارئة وهذه القائمة خاصة بالأمور الغير متوقعة وتحتاج إلى سيولة نقدية مثل أمور صحية أو اصلاح اعطال
قائمة خاصة بالمصروفات الإضافية مثل الترفيه والرحلات والهدايا
من خلال توزيع الدخل على تلك القوائم مع الأخذ بعين الاعتبار إعطاء الأولويات على حسب الترتيب المذكور، وتدوين جميع المصروفات مهما كانت قيمتها، ستدرك بعد مرور الشهر الأول حجم التكلفة لكل قائمة لديك، وستتكتشف ثقوب كانت تهدر مالك الذي كان من الممكن أن يكون فائض للتوفير من الراتب. ومع الاستمرار في العمل بهذه الاستراتيجية لعدة شهور بعزم و مثابرة ستصل حتما إلى وضع مالي أفضل.
6. كيفية تقسيم الراتب الشهري:
لا بد من تقسيم الراتب الشهري منذ بداية الشهر وفق استراتيجية توزيع الراتب التي شرحناها أعلاه. تقسيم الراتب فور استلامه سيضع حدّا للفوضى التي كنت تعيشها سابقا، وسيساهم في تلبية جميع احتياجاتك على مدى شهر كامل، دون الوقوع في عجز بالميزانية، وستتمكن أيضا من تأمين مبلغ الادخار الشهري الذي حددته سابقا.